الحقوق في الجرائم الإلكترونية : في العصر الرقمي المتسارع، أصبحت الجرائم الإلكترونية واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه الأفراد والمؤسسات في جميع أنحاء العالم. وفي المملكة العربية السعودية، أصدرت الدولة نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/17) لعام 1428هـ، بهدف التصدي لهذا النوع من الجرائم، وتوفير حماية قانونية شاملة لحقوق الأفراد المتضررين من أي شكل من أشكال الاعتداء الإلكتروني.
وفي هذا السياق، تهدف هذه المقالة إلى توضيح حقوق الأفراد في حالات الجرائم الإلكترونية، واستعراض أبرز أنواع الجرائم المعلوماتية التي نص عليها النظام السعودي، مع التركيز على آليات الحماية، وسبل التبليغ، والتعويض القانوني، بالإضافة إلى روابط حكومية مفيدة تدعم الأفراد في الدفاع عن حقوقهم.
جدول المحتويات
محامي جرائم الكترونية
أولًا: تعريف الجريمة الإلكترونية في النظام السعودي
بحسب نظام مكافحة جرائم المعلوماتية السعودي، تُعرَّف الجريمة الإلكترونية بأنها: “كل فعل يرتكب باستخدام الحاسب الآلي أو الشبكات المعلوماتية، ويترتب عليه المساس بالأمن الوطني، أو الحقوق المادية والمعنوية للأفراد والمؤسسات.”
وتشمل هذه الجرائم، على سبيل المثال لا الحصر:
- الاختراق غير المشروع للحسابات الشخصية أو البريد الإلكتروني.
- نشر البيانات الشخصية بدون إذن.
- الابتزاز الإلكتروني من خلال الصور أو المعلومات الحساسة.
- الاحتيال المالي الإلكتروني عبر المواقع المزيفة أو الرسائل الاحتيالية.
- التشهير عبر الإنترنت، سواء عبر وسائل التواصل أو المواقع الإلكترونية.
ثانيًا: حقوق الأفراد وفق النظام السعودي
يمنح نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الأفراد المتضررين من أي جريمة إلكترونية مجموعة من الحقوق القانونية التي تهدف إلى ردع الجناة وحماية الضحايا، ومن أبرز هذه الحقوق:
1. الحق في الإبلاغ والتبليغ
يمتلك كل شخص تعرض لجريمة إلكترونية الحق في تقديم بلاغ رسمي للجهات المختصة. وقد وفرت وزارة الداخلية ومنصة أبشر قنوات إلكترونية مخصصة لذلك، مما يضمن سرعة التعامل مع البلاغات.
🔗 رابط التبليغ عن الجرائم الإلكترونية عبر “أبشر”:
https://www.absher.sa
كما يمكن التبليغ من خلال تطبيق “كلنا أمن”:
🔗 https://play.google.com/store/apps/details?id=com.moi.security
2. الحق في حماية البيانات الشخصية
بموجب النظام، يحق للفرد المطالبة بعدم استخدام أو نشر أي معلومات شخصية تخصه دون إذنه، ويُعد أي خرق لذلك جريمة يُعاقب عليها القانون.
3. الحق في رفع دعوى قضائية
يحق للضحية رفع دعوى أمام المحكمة الجزائية المختصة، سواء للمطالبة بتوقيع العقوبة الجنائية على الجاني أو بالحصول على تعويض مالي عن الأضرار الناتجة عن الجريمة.
4. الحق في الخصوصية الرقمية
يحمي النظام خصوصية الأفراد في الفضاء الرقمي، ويمنع أي جهة أو فرد من التجسس أو اعتراض الاتصالات أو المراسلات الخاصة.
ثالثًا: العقوبات المقررة ضد مرتكبي الجرائم الإلكترونية
حدد النظام السعودي عقوبات صارمة لكل نوع من أنواع الجرائم المعلوماتية، وذلك بهدف الردع وحماية الأفراد. ومن أبرز هذه العقوبات:
- الاختراق أو الدخول غير المشروع: السجن مدة تصل إلى سنة، وغرامة تصل إلى 500,000 ريال سعودي.
- نشر الصور أو التشهير: السجن لمدة تصل إلى سنة، وغرامة تصل إلى 500,000 ريال.
- الاحتيال المالي الإلكتروني: السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، وغرامة تصل إلى مليوني ريال سعودي.
- الابتزاز الإلكتروني: السجن لمدة لا تزيد عن سنة، وغرامة تصل إلى 500,000 ريال.
هذه العقوبات يتم تطبيقها بعد التحقق من الجريمة من قبل الجهات المختصة، وتقديم الأدلة الكافية عبر المنصات الرسمية.
رابعًا: كيفية الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية
يُعد التبليغ السريع أحد أهم الوسائل القانونية لحماية الحقوق، ولذلك وفرت هيئة الأمن السيبراني ووزارة الداخلية عدة طرق فعالة وسريعة للإبلاغ، منها:
- الدخول على منصة “أبشر” واختيار “خدمات الأمن العام” ثم “بلاغ الجرائم الإلكترونية”.
- أو عبر تطبيق “كلنا أمن”، واختيار فئة “الجرائم المعلوماتية”.
- كما يمكن التواصل مع وحدة مكافحة الجرائم المعلوماتية عبر الرقم الموحد: 911 (في الرياض ومكة) و999 لبقية المناطق.
خامسًا: الإجراءات القانونية بعد التبليغ
بعد تقديم البلاغ، تمر القضية بعدة مراحل قانونية تضمن التحقيق العادل وحماية حقوق الضحية، وتشمل:
- استلام البلاغ وتوثيقه من قبل الجهات المختصة.
- فتح تحقيق فني وتقني لتتبع مصدر الجريمة والأدلة الإلكترونية.
- استدعاء الأطراف المعنية وسماع الإفادات.
- إحالة القضية للمحكمة الجزائية المختصة في حال اكتمال الأركان القانونية للجريمة.
سادسًا: حماية القُصّر من الجرائم الإلكترونية
من الجدير بالذكر أن النظام السعودي يُولي اهتمامًا خاصًا بحماية الأطفال والقُصّر من الجرائم الإلكترونية، خاصة التحرش، الاستغلال، أو الابتزاز. ويُعد أي اعتداء إلكتروني على قاصر جريمة مشددة في العقوبة.
كما تنشط هيئة حقوق الإنسان السعودية في هذا المجال من خلال برامج توعية ورصد للمخالفات، ويمكن التواصل معها عبر موقعها الرسمي:
سابعًا: كيفية حفظ الحقوق الرقمية والوقاية من الجرائم الإلكترونية
ولأن الوقاية خير من العلاج، ينبغي على الأفراد اتباع عدد من النصائح القانونية والتقنية لحماية أنفسهم، ومن أبرزها:
- عدم مشاركة البيانات الشخصية أو البنكية عبر روابط غير موثوقة.
- تفعيل خاصية المصادقة الثنائية (2FA) في الحسابات.
- تحديث كلمات المرور بشكل دوري.
- الامتناع عن فتح روابط مجهولة أو مشبوهة.
- الإبلاغ الفوري عند الشك بأي محاولة اختراق أو ابتزاز.
ثامنًا: الجهة المختصة بحماية الأفراد
تشرف على تطبيق نظام مكافحة جرائم المعلوماتية عدة جهات رسمية، أبرزها:
- الهيئة الوطنية للأمن السيبراني:
🔗 https://www.ncsc.gov.sa - النيابة العامة السعودية:
🔗 https://www.pp.gov.sa - الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)
🔗 https://sdaia.gov.sa
تعمل هذه الجهات بالتكامل مع وزارة الداخلية، لضمان حفظ الأمن المعلوماتي وحماية الأفراد والمؤسسات من أي تهديد إلكتروني.
خاتمة
في نهاية المطاف، يجب على كل فرد في المملكة العربية السعودية أن يُدرك أن حماية نفسه من الجرائم الإلكترونية ليست خيارًا بل مسؤولية. وبفضل الأنظمة الصارمة مثل نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، وتوافر الوسائل القانونية الإلكترونية، أصبح بإمكان كل متضرر أن يُطالب بحقه بسهولة وسرعة.
كما أن استخدام المنصات الرسمية للتبليغ، والتعاون مع الجهات المختصة، والوعي القانوني، يُعد جميعه جزءًا لا يتجزأ من حماية المجتمع الرقمي في المملكة. لذا، لا تتردد في اتخاذ الخطوة الأولى إن شعرت بوقوع اعتداء إلكتروني، فالنظام معك، وحقوقك محفوظة.