جدول المحتويات
الحضانة في النظام السعودي: بين الحق والواجب
الحضانة في النظام السعودي: تُعد الحضانة من أبرز القضايا الأسرية التي تنشأ بعد الطلاق أو الانفصال، إذ تتعلق بمصير الأطفال وضمان تربيتهم في بيئة آمنة ومستقرة. وقد أولى النظام السعودي هذا الموضوع أهمية خاصة، فنظم أحكامه في نظام الأحوال الشخصية ليوازن بين حقوق الوالدين وحقوق الطفل.
أفضل محامي
أولاً: مفهوم الحضانة
الحضانة هي رعاية المحضون وتربيته والقيام بجميع شؤونه المعيشية والتعليمية والصحية والنفسية. ويُنظر إليها باعتبارها واجباً قبل أن تكون حقاً، فهي تهدف إلى حماية الطفل وتحقيق مصلحته العليا، حتى ينشأ في ظروف مناسبة تعينه على النمو السليم.
ثانياً: الأساس الشرعي والقانوني
- من الناحية الشرعية: تستند الحضانة إلى القواعد الفقهية التي جعلت رعاية الأطفال مسؤولية مشتركة، لقوله ﷺ: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.
- من الناحية النظامية: نص نظام الأحوال الشخصية السعودي بوضوح على أن الحضانة حق للمحضون، وأن المرجع في الفصل فيها هو مصلحة الطفل قبل أي اعتبار آخر. ويمكن الاطلاع على نصوص النظام عبر منصة هيئة الخبراء.
ثالثاً: شروط الحضانة
حدد النظام عدة شروط يجب توافرها في الحاضن، منها:
- الأهلية الكاملة: أن يكون الحاضن بالغاً عاقلاً.
- القدرة على الرعاية: من الناحية المادية والمعنوية.
- السلامة الصحية: جسدياً ونفسياً.
- الاستقامة وحسن السيرة: فلا تُمنح الحضانة لمن عُرف بالانحراف أو الإهمال.
هذه الشروط تضمن أن يكون الحاضن مؤهلاً لتحمل المسؤولية، بما يحقق مصلحة الطفل.
رابعاً: ترتيب الحضانة
أوضح النظام أن الأم هي الأحق بالحضانة متى توافرت فيها الشروط، يليها الأب، ثم الأقارب بحسب ما يراه القاضي مناسباً. إلا أن المعيار الحاسم دائماً هو مصلحة الطفل، فإذا ثبت أن بقاءه مع أحد الوالدين لا يخدم مصلحته، جاز نقل الحضانة للطرف الآخر.
خامساً: حق الزيارة
حتى في حال إسناد الحضانة لطرف معين، فإن الطرف الآخر لا يُحرم من حق زيارة المحضون. وقد نظمت وزارة العدل هذا الحق من خلال إمكانية رفع طلب “زيارة واصطحاب” عبر منصة ناجز. يحدد القاضي مواعيد الزيارة بما يضمن عدم الإضرار بالطفل أو الطرف الآخر.
سادساً: انتقال الحضانة
قد تستدعي بعض الظروف نقل الحضانة من طرف إلى آخر، ومن أبرز هذه الحالات:
- إهمال الحاضن لواجباته.
- تعرض الطفل للضرر النفسي أو الجسدي.
- فقدان الحاضن أحد شروط الأهلية.
ويتم ذلك عبر دعوى قضائية يقدمها الطرف المتضرر، ويصدر القاضي حكمه بعد التحقق من المصلحة الفضلى للمحضون.
سابعاً: السفر بالمحضون
من المسائل المثيرة للجدل في قضايا الحضانة، مسألة السفر بالمحضون. إذ نص النظام على ضرورة موافقة الطرف الآخر عند السفر خارج المملكة، وفي حال النزاع يفصل القاضي في الأمر بما يحقق استقرار الطفل وعدم الإضرار بحقوق الوالدين.
ثامناً: النفقة المرتبطة بالحضانة
الحضانة ترتبط بشكل مباشر بالإنفاق على الطفل. فالمكلف بالنفقة –غالباً الأب– يلتزم بتوفير متطلبات المحضون من مأكل وملبس وعلاج وتعليم وسكن. وإذا امتنع عن ذلك، يحق للطرف الحاضن رفع دعوى نفقة عبر المحكمة.
تاسعاً: إجراءات دعوى الحضانة
تتيح وزارة العدل السعودية للأطراف المتنازعة تقديم دعوى الحضانة إلكترونياً عبر منصة ناجز، وذلك وفق الخطوات التالية:
- الدخول على خدمة القضايا الأسرية.
- اختيار “دعوى الحضانة”.
- إدخال بيانات الأطراف والمحضون.
- إرفاق المستندات اللازمة مثل صك الطلاق.
- متابعة الجلسات عبر النظام الإلكتروني حتى صدور الحكم.
عاشراً: الأسئلة الشائعة
هل تسقط الحضانة عن الأم إذا تزوجت؟
قد لا تسقط تلقائياً، إذ ينظر القاضي في مصلحة الطفل وقد يمنحها للأم حتى بعد الزواج.
هل يمكن للجد أو الجدة المطالبة بالحضانة؟
نعم، في حال تعذر الوالدين عن رعاية الطفل، يمكن للجد أو الجدة رفع دعوى حضانة.
هل ترتبط الحضانة بمدة محددة؟
لا، بل تستمر حتى يبلغ الطفل سناً يُمكّنه من الاعتماد على نفسه، مع مراعاة تقدير القاضي.
أهمية التسوية الودية
رغم أن المحاكم تنظر في قضايا الحضانة بحزم، إلا أن التسوية الودية بين الأطراف تظل الخيار الأمثل، إذ تقلل من النزاعات وتحد من الآثار النفسية على الطفل. ومن هنا، تشجع وزارة العدل على الصلح الأسري قبل رفع الدعاوى، عبر مكاتب المصالحة المعتمدة.
خاتمة
الحضانة في النظام السعودي: يتضح من استعراض النظام السعودي أن مصلحة الطفل هي المعيار الأول والأخير في الحضانة، وأن جميع النصوص والقرارات القضائية تدور حول هذا المبدأ. فالحضانة ليست مجالاً لتصفية الخلافات بين الزوجين، بل هي مسؤولية مشتركة لضمان استقرار المحضون وحمايته.